اثار قرار البنك المركزي الذي ينص على "حظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار إلا عبر المصارف، من خلال إلزام البائع والمشتري بفتح حساب مصرفي"، جدلا واسعا بين الاوساط الشعبية والاقتصادية على الرغم من ان مغزى القرار هو تعزيز الشفافية ومحاربة غسيل الأموال الداخلي.
الا ان ذلك قد يضيف روتيناً معقداً يثقل كاهل المواطنين ويزيد من تكلفة المعاملات العقارية التي يعاني منها المواطن حاليا.
باب اخر للفساد
ويرى البعض ان "ذلك قد يفتح بابا جديدا للفساد من خلال خفض تقييم العقارات للتحايل على القرار او تفعيل الاتفاق المخفي بين البائع والمشتري خارج الأطر الرسمية المعمول بها الان، وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي.
وقرر البنك المركزي العراقي في وقت سابق، تخفيض السقف الأعلى لاسعار العقارات لشمولها بضوابط العناية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، الى 100 مليون دينار بدلا من الـ500 مليون دينار عراقي وفقا للقرار السابق.
تخبط بالقرارات
وبظل تأخر القطاع المصرفي المحلي وتفاقم الفساد في العديد من الملفات التي ارهقت كاهل المواطن وخزينة الدولة معًا، يصف نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية حسين السعبري، اليوم السبت، ان "قرار البنك المركزي العراقي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار إلا عبر المصارف بالمتخبط وغير المدروس".
ويقول السعبري في تصريح ان "البيع عن طريق المصارف صحيح لكن العراق لا يتملك لغاية الان القطاع المصرفي المتمكن الذي سيجنبنا من مشاكل ركود حركة الأسواق والاستثمارات في البلد".
ويتابع، ان "القرار يندرج ضمن قائمة القرارات المتخبطة التي أصدرت من البنك المركزي، بالرغم من وضوح الية بيع عقارات الدولة وتسجيلها بالضرائب"، مشيرا الى ان "القرار سيزيد من ضرائب البيع والشراء في الأسواق".
وأشار الى ان "الوضع العام والقطاع المتأخر وملفات الفساد لا تتناسق مع قرار البنك المركزي غير الصحيح في الوقت الحالي".
غسيل الأموال
وبظل الازمة المتصاعدة بملف غسيل الأموال الداخلي وارتفاع أسعار العقارات ومساع الحكومة وهيئة النزاهة العامة بإيجاد الحلول لهذا الملف، يؤكد بالباحث بالجانب المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، ان "قرار البنك المركزي العراقي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار إلا عبر المصارف يندرج ضمن تحجيم "غسيل الاموال الداخلي " علما ان غسيل الأموال الكبير بالعراق هو خارجي عبر ( حوالات بهدف الاستيراد تصل الـ70 مليار دولار ) والبضاعة التي يتم جباية ( كمرك وضريبة لها ) لا تتجاوز الـ(20) مليار دولار، مما يجعله من اكبر ابواب غسيل الاموال في العالم".
وأضاف، ان "المقصود من تقييم الـ (100) مليون دينار هو تقييم ضريبي وليس تقييم سوقي، بالنظر الى ان التقييم الضريبي العراقي لقيمة المتر الواحد تعادل تقريبا (20٪) من القيمة السوقية اذا يتراوح تقييم المتر الواحد حسب المناطق ( من 350 الف دينار الى 900 الف دينار ) في المناطق السكنية والشعبية".
وتابع، ان "هذا الملف يحتاج الى تحرك جدي من قبل البنك المركزي العراقي بربط الاعتمادات وحوالات مع المنافذ واخذ الكمرك والضريبة بشكل مباشر مع فتح الاعتماد او الحوالة".
سد العجز المالي
ويذهب خبراء اقتصاديون الى ان "هدف القرار لا يتعلق بمكافحة غسيل الأموال بحسب مزاعم البنك المركزي بل هو احد القرارات التي ستساعد في سد العجز المالي والسيولة المالية".
وأشار الخبراء إلى أن، "القرار يضع تحديات إضافية أمام المشترين، ولاسيما من ناحية توفير المبالغ الكبيرة دفعة واحدة وإيداعها في المصارف، وهو ما يمثل عائقًا كبيرًا للكثير من المواطنين".
وأضافوا أن "هذا الإجراء قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعاملات العقارية وتأخيرها نتيجة الروتين والإجراءات المصرفية، ما قد يفقد السوق ديناميكيته ويؤدي إلى ركود اقتصادي في قطاع العقارات".
تسريع التحقيقات
وكان معاون مدير العام لمكافحة غسيل الأموال في البنك المركزي حسين علي قد اكد في تصريح سابق بأن هذه الإجراءات تهدف إلى تسريع التحقيقات المتعلقة بغسيل الأموال، مع إشراف دائرة التسجيل العقاري على مراقبة العمليات المشبوهة، وتوثيق أي حالات غسيل أموال لتسهيل متابعة الجهات المعنية.
ومع الازمة المتفاقمة للسكن داخل العراق والإجراءات الحكومة المقيتة، فهل سيكون قرار البنك المركزي عبئا جديدا يضاف لكاهل المواطن المثقل من الأصل ان نتائجه ستكون إيجابية بالعديد من الملفات بالمستقبل القريب.
وفي آيار الماضي، اتخذ البنك المركزي العراقي قرارا منتصف العام الماضي، بجعل تسليم المبالغ المالية للعقارات التي تزيد عن 500 مليون دينار عبر صك مصرفي حصرا، لاخضاع المبلغ لتحقيقات ضوابط مكافحة غسيل الأموال.