"القلب على شريحة" يُحدث ثورة في تطوير الأدوية
في خطوة مهمة نحو إحداث ثورة في تطوير الأدوية، ابتكر العلماء في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) في الولايات المتحدة أداة تُعرف باسم "القلب على شريحة" (HoC).
وبحسب تقرير نشره موقع "ميديكال اكسبرس"، يهدف هذا الابتكار إلى معالجة القيود الكامنة في منهجيات اختبار أدوية القلب والأوعية الدموية التقليدية، والتي تعتمد بشكل كبير على النماذج الحيوانية. ومن خلال محاكاة النماذج الشبيهة بالبشر لدراسة أمراض القلب والأوعية الدموية، تحمل أداة "القلب على شريحة" وعدًا هائلاً في استبدال الاختبارات على الحيوانات، وتبسيط عمليات تطوير الأدوية، وتقليص النفقات المرتبطة بها.
تحاكي أداة "القلب على شريحة" التفاعلات الخلوية المعقدة داخل القلب لكن على شريحة مصغرة، مما يشكل مكونًا محوريًّا لمجموعة أجهزة الجسم.
وتم إنشاء الأداة على شكل شريحة صغيرة وشفافة أو شبه شفافة، تتميز بشبكة من القنوات الدقيقة المحفورة بشكل معقد على طبقة بوليمر. وقد تم تصميم هذه القنوات الدقيقة بدقة لمحاكاة الأوعية الدموية للقلب البشري. وتم بعد ذلك إدخال خلايا القلب البشرية في هذه القنوات الدقيقة، ما سمح للباحثين بالتلاعب بسلوكها ومراقبته في ظل ظروف مختلفة، بما في ذلك تناول الدواء.
وأوضح داروين رييس، الباحث الرئيس في المعهد "تم تصميم القلب على شريحة لمحاكاة الظروف الفسيولوجية للقلب الحقيقي. يمكننا تعديل البيئة للحث على تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا قلب، ومراقبة إن كان انقباضها واسترخاؤها يشبه نبضات القلب الطبيعية".
وفي قلب نظام العضو الموجود على الرقاقة، توجد الموائع الدقيقة، وهي تقنية تتيح المعالجة والتحكم في أحجام السوائل الموجودة. ومن خلال الاستفادة من الموائع الدقيقة، يستطيع الباحثون تصنيع نماذج متطورة من الأعضاء والأنسجة على شرائح صغيرة داخل إعدادات المختبر.
وشدد رييس، على أن "الشريحة يمكن أن تستوعب عددًا كبيرًا من أنواع الخلايا. وبينما يتمحور تركيزنا الحالي حول خلايا القلب، يمكن استخدام التكرارات المخصصة للنظام لمراقبة سلوك أنواع الخلايا الأخرى بصريًّا وإلكترونيًّا“.
ويتجاوز مفهوم العضو الموجود على الرقاقة أبحاث القلب والأوعية الدموية، ليشمل عمليات محاكاة متنوعة للأعضاء التي يمكن حتى أن تكون مترابطة لمحاكاة أنظمة متعددة الأعضاء. على سبيل المثال، يمكن لقلب على شريحة متصل بكبد على شريحة أن يحاكي التفاعل بين القلب والكبد استجابة لأدوية أو حالات طبية معينة. ويقدم هذا النهج الشامل فهمًا شاملاً للعمل التآزري لمختلف الأعضاء داخل جسم الإنسان.
ومن خلال إعادة النظر في النموذج التقليدي للتجارب على الحيوانات، والذي كان لفترة طويلة حجر الزاوية في تطوير الأدوية، فإن ظهور تكنولوجيا العضو على الرقاقة يبشر بتحول نموذجي، إذ غالبًا ما تختلف فسيولوجيا الحيوان عن فسيولوجيا الإنسان، مما يؤدي إلى تناقضات بين النتائج قبل السريرية والسريرية.
كما أنّ اعتماد أنظمة القلب على شريحة لا يؤدي إلى تسريع إجراءات اختبار المخدرات فحسب، بل يخفف أيضًا من المخاطر المرتبطة بالتفاعلات الضارة في البشر. علاوة على ذلك، يتم تخفيف المخاوف الأخلاقية المحيطة بالتجارب على الحيوانات، بما يتماشى مع الحساسيات المجتمعية المعاصرة.
وبالنظر إلى ما هو أبعد من تطبيقات القلب والأوعية الدموية، فإن تنوع تكنولوجيا العضو على الرقاقة يمتد إلى أنواع مختلفة من الخلايا ذات الصلة بأبحاث السرطان. وأوضح رييس المساعي الجارية قائلاً "نحن نستكشف حاليًّا التتبع في الوقت الفعلي لحركة الخلايا السرطانية وعدوانيتها. ومع مزيد من التحسين، يتمتع النظام بإمكانية تقديم رؤى تشخيصية لسلوك الخلايا السرطانية".